زار إوين ماكاسكيل الضفة الغربية في نوفمبر لأول مرة منذ عشرين عامًا، ليجد حياة الفلسطينيين اليومية تدهورت بشكل كبير، وسط سيطرة إسرائيلية متزايدة على الأرض والمستوطنين.

 

أشار التقرير إلى أن علم إسرائيل انتشر فجأة على طول طريق جنوب نابلس، مع أكثر من ألف علم على جانبي الطريق يفصل بينها نحو 30 ياردة، في رسالة واضحة تشبه الكتابات على الجدران التي يدونها المستوطنون: "ليس لكم مستقبل في فلسطين".

 

التغيرات في الحياة اليومية والفقر الاقتصادي

 

بدت رام الله أكثر انتظامًا وازدهارًا، مع مطاعم ومتاجر حلويات وصالات رياضية جديدة، بينما الشباب يجلسون في المقاهي ويتجاهلون السياسة نسبيًا. لكن هذه الصورة تخفي واقعًا صعبًا: العديد من القرى لم تعد ترسل منتجاتها الزراعية إلى المدينة بسبب كثرة الحواجز الإسرائيلية، ما يعرقل التجارة والنقل، ويضغط على الاقتصاد الفلسطيني بأسره.

 

أفاد التقرير بأن عدد الحواجز قد ارتفع من 376 في نهاية الانتفاضة الثانية إلى نحو 849 اليوم، ما يزيد من صعوبة التنقل ويعكس تشديد السيطرة الإسرائيلية. الاقتصاد يعاني، حيث انخفض الدخل للفرد بنسبة 20% وارتفعت نسبة البطالة إلى نحو 33%، بينما السلطة الفلسطينية تحكم الفساد والوظائف وفق الصلات والمحسوبية.

 

توسع المستوطنات والاعتداءات على القرى

 

زاد عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية من 400 ألف إلى أكثر من 700 ألف، مع توسع مستمر على التلال والمناطق الفلسطينية، بما في ذلك قرب المنازل الفلسطينية مباشرةً.

 

شهدت قرى مثل أم الخير مواجهات عنيفة مع المستوطنين، حيث دمرت المنازل وظهرت منازل متنقلة جديدة للمستوطنين. يمارس الجيش الإسرائيلي مراقبة مستمرة بالسيارات والطائرات المسيرة والكاميرات، ويفرض مناطق عسكرية مغلقة أحيانًا. الفلسطينيون يبتكرون طرقًا لمواجهة هذه الاعتداءات، مثل زراعة الخضروات في براميل بعيدة عن الأراضي الملوثة.

 

السياسة الداخلية والخيارات المستقبلية

 

واجه الرئيس محمود عباس انتقادات بسبب رفضه إطلاق انتفاضة جديدة في الضفة الغربية، في حين دعم قليلون قراره، مثل ماهر قناواتي، عمدة بيت لحم، الذي يرى أن أي انتفاضة الآن ستمنح إسرائيل ذريعة للرد العسكري كما حدث في غزة.

 

تشير استطلاعات الرأي إلى استمرار تأييد نحو نصف الفلسطينيين في الضفة الغربية للخيارات المسلحة كسبيل لتحقيق دولة فلسطينية، رغم أن الأكاديميين والنشطاء، مثل عبدالجواد عمر من جامعة بيرزيت، يرون أن الغضب تحول إلى إحباط بلا فاعلية، وأن المقاومة التقليدية أصبحت ذكرى.

 

اللاجئون في المخيمات، مثل مخيم عايدة في بيت لحم، يحتفظون برموز الأمل مثل مفتاح العودة الضخم واللوحات الجدارية التي تخلد المقاومة، لكن ظروفهم صعبة نتيجة هجمات الجيش والمستوطنين، مع تدمير آلاف المنازل وتشريد السكان.

 

على المستوى السياسي، يعلق الفلسطينيون آمالهم على المجتمع الدولي، ويرون في حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وعقوبات الدول نموذجًا قد ينجح على المدى الطويل كما حدث في جنوب إفريقيا. رغم ذلك، لا تغير هذه الإجراءات الواقع اليومي للفلسطينيين المحاصرين بين السلطة الفلسطينية الضعيفة والاحتلال العسكري الإسرائيلي.

 

الحياة في الضفة الغربية اليوم تبدو أكثر قسوة من الانتفاضة الثانية، حيث فقد الفلسطينيون الأمل وشهدوا استنزافًا نفسيًا واجتماعيًا. على الرغم من بعض مظاهر النشاط الاقتصادي والثقافي، يعاني السكان من البطالة والفقر والقيود العسكرية والمستوطنات المتزايدة.

 

يعكس تقرير ماكاسكيل كيف تحولت الضفة الغربية من أرض مقاومة نشطة إلى مساحة محاصرة، حيث الصراع اليوم أقل عنفًا لكنه أكثر إلحاحًا على مستوى الحياة اليومية وحرية الحركة والسيادة الفلسطينية.

 

https://www.theguardian.com/world/2025/dec/11/i-used-to-report-from-the-west-bank-twenty-years-after-my-last-visit-i-was-shocked-by-how-much-worse-it-is-today